إنّ الله عزّوجل فرض الجهاد وجعله نصرته وناصره ، وما صلحت دنيا ولا دين إلاّ به ، وإني بليت بأربعة : أدهى الناس وأسخاهم طلحة ، وأشجع الناس الزبير ، وأطوع الناس في الناس عائشة ، وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن أمية . والله ما أنكروا علي شيئاً منكراً ، ولا استأثرت بمال ، ولا ملت بهوى ، وإنهم ليطلبون حقاً تركوه ، ودماً سفكوه ، ولقد ولوه دوني . . . وإنهم لهم الفئة الباغية بايعوني ونكثوا بيعتي " [1] . قال ابن أعثم : " إنّ عائشة قالت : ناولوني كفاً من الحصاة ، وحصبت بها وجوه أصحاب علي ، وصاحت بأعلى صوتها : شاهت الوجوه ! كما صنع رسول الله يوم حنين ، فناداها رجل من أصحاب علي : وما رميت إذ رميت ولكن الشيطان رمى " [2] . عائشة وكلاب الحوأب قال المسعودي : " وسار القوم نحو البصرة في ستمائة راكب ، فانتهوا في الليل إلى ماء لبني كلاب يعرف بالحوأب ، عليه ناس من بني كلاب ، فعوت كلابهم على الركب ، فقالت عائشة : ما اسم هذا الموضع ؟ فقال لها السائق لجملها : الحوأب ، فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك ، فقالت : ردّوني إلى حرم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا حاجة لي في المسير ، فقال الزبير : بالله ما هذا الحوأب ، ولقد غلط فيما أخبرك به ، وكان طلحة في ساقة الناس ، فلحقها فاقسم إنّ ذلك ليس بالحوأب ، شهد معها خمسون رجلا ممن كان معهم ، فكان ذلك أول شهادة زور
[1] الاستيعاب - ترجمة طلحة . رقم 1277 . [2] تاريخ ابن أعثم ص 179 ، شرح نهج البلاغة ج 1 ص 257 بتصحيح أبو الفضل إبراهيم .