بها نقلا واتباعاً ، فقد روى الأئمة الأعيان من المحدثين في مسانيدهم الصحاح أحاديث متعددة رفع كل واحد منهم حديثه بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم انّه قال لعمّار بن ياسر " تقتلك الفئة الباغية " وهذه أحاديث لا خلل في اسنادها ولا اضطراب في متونها ، فثبت بها أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وصف الفئة القاتلة عماراً بكونها باغية ، وصفة البغي لا تنفك عن لوازمها ، والبغي عبارة عن الظلم وقصد الفساد ، فكل من كان ظالماً جايراً كان قاسطاً خارجاً عن طاعة ربه ، فتكون الفئة القاتلة عماراً متصفة بهذه الصفات بخبر الصادق عليه السّلام المعصوم ، وقد ثبت ثبوتاً محكوماً بالصحة ، منقولا بالخبر المستند إلى الادراك بالحواس إنّ عماراً كان يقاتل بين يدي علي لمعاوية وأصحابه أيام صفين وانه من آخر أمره استسقى فأتى بقعب فيه لبن ، فلما نظر إليه كبر وقال : أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّ آخر رزقي من الدنيا لبن في مثل هذا القعب فشربه ، ثم حمل بين الصفين حتى قتل في سنة سبع وثلاثين من الهجرة وعمره يومئذ ثلاث وتسعون سنة ودفن بالرقة ، وقبره بها الآن . وروى صاحب كتاب ( صفة الصفوة ) باسناده إنّ عبد الله بن سلمة ، قال : " سمعت عماراً يوم صفين وهو شيخ في يده الحربة وقد نظر إلى عمرو بن العاص معه الراية في فئة معاوية يقول : إنّ هذه الراية قد قاتلتها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاث مرّات ، وهذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أنا على الحق وإنهم على الضلالة ، إذا وضح إنّ عماراً تقتله الفئة الباغية وإن أصحاب معاوية قتلوه فيلزم لزوماً مجزوماً به ، إنها الفئة الباغية فثبت لها تلك الأوصاف المقدم ذكرها على لسان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم . وأمّا المارقون : فهم الخارجون عن متابعة الحق المصرّون على مخالفة الإمام