به الخبيث من الطيب ، والمميز لهم كان جبرئيل عليه السّلام ، مع إنّ مماثلة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا تقع إلا على الصحة والسداد ، لأنه صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يجوز إنّ يشبه الشئ بخلافه ويمثله بضده ، لكن يضع الأشياء في مواضعها للمواد المتصلة به من الله تعالى ، فقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي عليه السّلام : أنت أخي وأنا أخوك يريد به إنّ المناظرة والمشابهة والمشاكلة بينهما من الطرفين وفي جميع المنازل إلا النبوة خاصة ، والعرب تقول للشئ انه أخو الشئ إذا شبهه وماثله وقارنه ووافق معناه ، ومن ذلك قوله تعالى : ( إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ) [1] وكانا جبرئيل وميكائيل عليهما السّلام ، وقوله تعالى : ( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْء ) [2] ومعلوم إنّ الإخوة في النسب فقط لا توجب فضلاً ، لان الكافر قد يكون أخاً لمؤمن ، لكن الإخوة في المماثلة والمشابهة هي الموجبة للفضل ، ومولانا أمير المؤمنين عليه السّلام حصلت له من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الإخوة فيها وفي مراتب كثيرة . منها : انّه مماثله في النفس بنص القرآن المجيد وقد سبق بيانه في آية المباهلة . ومنها : انّه مضاهيه في الولاية لقوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) [3] الآية وقد تقدم أيضاً . ومنها : انه مناظره في العصمة بدليل قوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) [4] الآية . وقد مضى شرحه .
[1] سورة ص : 23 . [2] سورة مريم : 28 . [3] سورة المائدة : 55 . [4] سورة الأحزاب : 33 .