وسلّم شبعوا ، فكان إذا أراد أن يغذيهم قال كما أنتم حتى يحضر ابني ، فيأتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيأكل معهم ، فكانوا يفضلون من طعامهم ، وإن لم يكن معهم لم يشبعوا ، فيقول أبو طالب : إنك لمبارك ، وكان الصبيان يصبحون رمضاً شعثاً ويصبح رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دهيناً كحيلا . . . وروي أن أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال : لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّد وما اتبعتم أمره ، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا . . . وما زالوا كافّين عنه حتّى مات أبو طالب - يعني قريشاً عن النبي عليه السّلام - وكان أبو طالب يحفظه ويحوطه ويعضده وينصره إلى أن مات " [1] . وروى ابن الأثير عن ابن عبّاس : " لما نزلت ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ) [2] خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فصعد على الصفا فهتف يا صباحاه ، فاجتمعوا إليه فقال : يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني عبد المطلب ، يا بني عبد مناف ، فاجتمعوا إليه فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل ، أكنتم مصدّقي ؟ قالوا : نعم ، ما جرّبنا عليك كذباً ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب تباً لك ! أما جمعتنا إلاّ لهذا ، ثم قام ، فنزلت ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ ) [3] السورة . . . فقال أبو طالب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما أحبّ إلينا معاونتك وأقبلنا لنصيحتك وأشدّ تصديقنا لحديثك ، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون ، وإنّما أنا أحدهم ، غير أنّي أسرعهم إلى ما تحبّ ، فامض لما أمرت به ، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك . . . الحديث ، وقال :
[1] الطبّقات ، ج 1 ، ص 75 ، 77 ، 79 . [2] سورة الشعراء : 214 . [3] سورة المسد : 1 .