قال ابن أبي الحديد : " وقد نقل النّاس كافة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّه قال : نقلنا من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية " [1] . والده : عبد مناف ، وقيل : عمران ، وقيل شيبة ، كنيته أبو طالب ، فهو ابن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي ، ولد أبو طالب بمكة قبل ولادة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بخمس وثلاثين سنة ، وكان شريك والده عبد المطلب في كفالة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولمّا توفي عبد المطلب انفرد أبو طالب بكفالة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وانتهت إليه بعد أبيه عبد المطلب الزعامة المطلقة ، وكان يروي الماء وفود مكة كافة ، لأن السقاية كانت له ، ورفض عبادة الأصنام فوحّد الله سبحانه ، ومنع نكاح المحارم وقتل الموؤودة والزنا وشرب الخمر وطواف العراة في بيت الله الحرام ، ونزل بأكثرها القرآن وجاءت السنّة بها . قال البلاذري : " فكان منيعاً عزيزاً في قريش . . . وكانت قريش تطعم ، فإذا أطعم أبو طالب لم يطعم يومئذ أحد غيره " [2] . وقال ابن سعد : لمّا توفي عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إليه ، فكان يكون معه ، وكان أبو طالب لا مال له ، وكان يحبّه حبّاً شديداً لا يحبّه ولده ، وكان لا ينام إلاّ إلى جنبه ، ويخرج فيخرج معه ، وصبّ به أبو طالب صبابةً لم يصب مثلها شيء قطّ ، وكان يخصه بالطعام ، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعاً أو فرادى لم يشبعوا ، وإذا أكل معهم رسول الله صلّى الله عليه وآله
[1] شرح نهج البلاغة ، الطّبعة القديمة ، ج 3 ، ص 315 . [2] أنساب الأشراف ، بتحقيق الشيخ محمّد باقر المحمودي ، ج 2 ، ص 23 .