وكما أن أولئك الذين كانوا مقربين من الحكم والحاكمين من علماء أهل الكتاب ، وتلامذتهم ومن أمثال : كعب الأحبار ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وتميم الداري ، ونظرائهم ، قد ادخلوا في الدين الكثير من عقائد أهل الكتاب الفاسدة والمشينة . ومنها عقيدة التجسيم الإلهي ، فسلبوا الناس بذلك البصيرة في الدين ، وتبلبلت العقول ، وعميت المذاهب ، وأصبح الإنسان المسلم يجد أمامه الكثير من المتناقضات ، والأمور اللامعقولة واللامفهومة ، فيما زعم انه من الحديث النبوي . الأمر الذي جعل أعمق الإيمان عندهم هو دين العجائز ، حتى صار الأكابر يوصون به الأصاغر ، فيقولون : عليكم بدين العجائز . ورووا عن النبي « صلى الله عليه وآله » قوله : « إذا اختلفت أمتي في الأهواء ، فعليكم بدين الأعراب » . هذا كله ، عدا عن أنهم بهدف إبعاد علي « عليه السلام » وولده عن مقام الخلافة قد أظهروا الغلو الفاحش في شأن الخلفاء الثلاثة ، حتى جعلوا عقيدة إمامتهم وخلافتهم جزءاً من الدين ، بل ومن أعظم أركانه ، وربما صار الاعتقاد بها أزيد من اعتقاد الشيعة بعلي وسائر الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام . وقد كان ذلك قبل عهد معاوية ، فإن عمرو بن العاص قد جعل الاعتقاد بخلافة الشيخين تلو عقيدة التوحيد والنبوة في نفس مجلس التحكيم [1] فراجع .
[1] كنز العمال ج 11 ص 131 عن ابن سعد ، عن ابن عمرو .