يقولون . بل لقد قال الأصمعي : إن الكوفة صارت علوية من يوم استوطنها علي « عليه السلام » [1] . وعلى حد تعبير ابن عبد ربه : « الكوفة علوية ؛ لأنها وطن علي رضي الله عنه وداره » [2] . ولكن من المعلوم : أن هذه الثمرة قد جاءت - كما قلنا - في وقت متأخر بالنسبة لخلافة أمير المؤمنين « عليه السلام » أما في عهده ، فقد قاتل عدوه ، ولم يكن معه خمسون رجلاً يعرفونه حق معرفته ، وحق معرفة إمامته . . وعليه فقول معمر : « عجبت من أهل الكوفة ، كأن الكوفة إنما بنيت على حب علي ، ما كلمت أحداً منهم إلا وجدت المقتصد منهم الذي يفضل علياً على أبي بكر وعمر ، منهم سفيان الثوري » [3] . هذا القول إنما يعبر عن حقبة متأخرة جداً عن زمن حكم أمير المؤمنين « عليه السلام » ، كما يشير إليه استشهاده بما يذهب إليه الثوري ، الذي كان يعيش في القرن الثاني الهجري . ويشير إلى ذلك أيضاً : أن عبد الله بن مطيع ، الوالي من قبل ابن الزبير أراد أن يسير فيهم بسيرة عثمان وعمر ، فرفضوا ذلك وقالوا : إنهم يرضون بأن يسير فيهم بسيرة علي « عليه السلام » [4] .
[1] روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار ص 67 . [2] العقد الفريد ج 6 ص 248 . [3] البداية والنهاية ج 8 ص 11 . [4] أنساب الأشراف ج 5 ص 220 - 221 والكامل في التاريخ ج 4 ص 213 وتاريخ الأمم والملوك ج 3 ص 490 .