التمييز العرقي : وإذا كان العراق على اتصال مباشر بغير العرب ، قبل الإسلام وبعده ؛ فإنه ولا شك قد أصبح يتميز بحساسية خاصة ، تجاه أي شيء من شأنه أن يضرب على وتر التمييز العرقي ، وإعطاء الامتيازات لفريق دون فريق على أساس الاختلاف في الانتماءات العرقية . كما أنهم بعد أن قتلوا من غير العرب ، وقتل غير العرب منهم ، فسيصبحون أكثر حساسية تجاه من سفكوا دماء أحبائهم بالأمس . وتتأكد وتبرز هذه الحساسية حين يعيش الجميع في بلدٍ واحد ، ويواجه بعضهم بعضاً يومياً ، ولسوف يجعل تلك الحساسية تتنامى وتتعاظم باستمرار . كلما حصل أي احتكاك ولأي سبب كان . . ولعل تولي أبي موسى الأشعري عليهم في عهد عمر بن الخطاب ، وفي السنين الأخيرة من عهد عثمان ، وهو الرجل الذي كان عمرياً بكل ما لهذه الكلمة من معنى وهذه هي سياسة عمر ونظرته إلى الموالي - لعل توليه عليهم - قد ساعد على تركيز هذه الأحاسيس ، وهذه السياسات فيهم إلى حد كبير . وما ذلك . . إلا لأن من يتبنّى أمراً كهذا لسوف يجد آذاناً صاغية ، ونفوساً مهيأة ، ومستعدة لمتابعة هذا الخط وحمايته ، حيث إنه ينسجم