ه : ما يؤثر في اتخاذ مواقفهم : إن مفاهيمهم الجاهلية ، وعصبياتهم القبلية ، ومصالحهم الشخصية وان لم تكن بعيدة عن التأثير في اتخاذهم لمواقفهم ، إلا أنها كانت ملبسة بلباس الدين ، ومبررة به ، فقد كانوا مصداقاً بارزاً لقوله تعالى : * ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) * [1] » [2] . كما نصّ عليه سيد الوصيين علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام . ونسب ابن كثير إلى بعض السلف تطبيق هذه الآية على الخوارج ، واستحسن ذلك [3] . فالخوارج إذن . . يرتكبون أبشع الجرائم باسم الدين ، وتحت شعار الطاعة لله ، والانقياد له تعالى . . فلم يكن ثمة إعلان منهم بالجرأة على مقام العزة الإلهية ، وهتك لحرمة مقام الربوبية . . كما هو حال بني أمية ، الذين كانوا يرتكبون أعظم من ذلك ، ثم يزيدون في الطنبور نغمة حين يجهرون بالاستهتار ، ويعلنون بالجرأة على الله سبحانه ، وتحدي مقام عزته وجبروته . . فنهج بني أمية إذن أعظم شراً ، وأشد خطراً ، لأنه يجعل الكفر والجريمة نهجاً للأمة ، وسبيلاً ترتضيه ، دون أن تشعر بالهيبة الإلهية ، وأن
[1] الآيتان 3 و 4 من سورة الكهف . [2] كشف الغمة ج 1 ص 266 والمناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 187 ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 58 و 59 وفي هامشه عن شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 1 ص 206 وج 2 ص 278 وعن الكامل في الأدب وعن الدر المنثور ج 3 ص 253 عن الفريابي ، وعبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه . وراجع : نظم درر السمطين ص 127 والثقات ج 2 ص 296 والفتوح لابن أعثم ج 4 ص 127 . [3] البداية والنهاية ج 7 ص 286 .