الموقف الرسالي : عن كثير بن نمر ، قال : دخلت مسجد الكوفة عشية جمعة ، وعلي يخطب الناس ، فقاموا في نواحي المسجد يحكمون . فقال بيده : هكذا ، ثم قال : كلمة حق يراد بها باطل ، حكم الله أنتظر فيكم . أحكم فيكم بكتاب الله ، وسنة رسوله ، وأقسم بينكم بالسوية ، ولا نمنعكم من هذا المسجد أن تصلوا فيه ، ما كانت أيديكم مع أيدينا ، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا [1] و في نص آخر : لكم علينا ثلاث ، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نبدؤكم بقتال [2] . ومن الواضح : أن أدنى ما يمكن توقعه من أي حاكم من الحكام الزمنيين ، الذين رأينا عبر القرون والأحقاب أنحاء تعاطيهم مع أمور كهذه هو - أنه حين يواجه أمثال هؤلاء ، ويكون في موقف كهذا ، أن يأمر باعتقال كل الذين يطلقون شعاراً يسيء إلى حكمه ، وإلى موقعه , ثم يحاسبهم ويعاقبهم بالصورة التي تضمن عدم تكرار ذلك منهم ، بحيث يكون ذلك عبرة لغيرهم . ولكن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام - وهو الحاكم الإلهي المعصوم - لا يقيم وزناً للحكم بما هو حكم ؛ لأن الحكم عنده إنما هو
[1] مجمع الزوائد ج 6 ص 242 و 243 وراجع الإلمام ج 1 ص 36 وراجع أنساب الأشراف ج 2 ص 325 بتحقيق المحمودي . [2] المبسوط ج 7 ص 269 وراجع : الإباضية عقيدة ومذهباً ص 39 عن فتح الباري ج 12 ص 301 وراجع البداية والنهاية ج 7 ص 282 و 285 والكامل لابن الأثير ج 3 ص 335 .