تفريطاً بما لا يحق له التفريط به ، أو تشجيعاً وإغراءً بالعدوان على الضعفاء ، فليس له الحق في أن يبادر إلى هذا العفو ، بل لا بد له من أن يمارس الردع المؤثر والفاعل ، والقوي والحاسم . فإذا انحصر الأذى بشخصه ، ثم كظم غيظه ، مع قدرته على ردّ الحجر من حيث جاء ، فذلك هو الصفح الجميل ، والعفو عن الذنب ، الذي دعا إليه الإسلام والقرآن . وهذه هي حاله « عليه السلام » مع هؤلاء القوم ، الذين كانوا يؤذونه ويصفح عنهم ، ويذنبون معه ، ويعتدون عليه ويعفو ويتجاوز رفقا بهم ، واستصلاحاً لهم . ومن أمثلة ذلك : أنه كان يخطب يوماً ؛ فقال : « إذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليمس أهله ، فإنما هي امرأة كامرأة . فقال رجل من الخوارج : قاتله الله كافراً ما أفقهه . فوثب القوم ليقتلوه . فقال « عليه السلام » : رويداً إنما هو سب بسب ، أو عفو عن ذنب » [1] . وقال علي بن البطريق : إن علياً « كان قد مرن على سماع قول الخوارج أنت كافر . وقد كفرت » [2] . الموقف الشرعي الدقيق : وإن معالجة أمير المؤمنين « عليه السلام » لأمر الخوارج قد جاء النموذج الأمثل ، والمثل الرائع للحكمة ، والروية ، والأناة والحزم ،
[1] الشيعة في التاريخ ص 42 ونهج البلاغة ج 3 ص 254 . [2] راجع مصادر نهج البلاغة ج 4 ص 297 عن شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 4 ص 470 .