وقد لخص أمير المؤمنين « عليه السلام » ما جرى بينه وبين الخوارج في كلام وجهه إلى أصحابه فكان مما قال : « حتى إذا عاثوا في الأرض مفسدين وقتلوا المؤمنين أتيناهم فقلنا لهم : ادفعوا إلينا قتلة إخواننا . فقالوا : كلنا قتلهم ، وكلنا استحللنا دماءهم ودماءكم . وشدت علينا خيلهم ورجالهم ؛ فصرعهم الله مصارع القوم الظالمين . ثم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم ، فإنه أفزع لقلوبهم ، وأنهك لمكرهم ، وأهتك لكيدهم ، فقلتم . . الخ . . » [1] . ونلاحظ هنا : أن ما فعله « عليه السلام » حيث أمرهم بالمضي من فورهم إلى عدوهم ، مع ملاحظة الأمور التي ذكرها . . قد جاء مطابقاً لفعل رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، حيث لاحق جيش أبي سفيان بعد أحد حتى بلغ حمراء الأسد ، وكان الذين معه هم خصوص من أصيبوا في غزوة أحد ، كما هو معلوم ، فراجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبي للاطلاع على تفاصيل ما جرى . أذى الخوارج لعلي « عليه السلام » : وحين يواجه الإنسان التحدي من الآخرين ، والتعدي عليه من دون مبرر مقبول أو معقول . . ويكون غير قادر على رد التحدي ، والثأر لنفسه ، فليس له أن يدعي : أن هذا الضعف صفح ، وأن الهروب عفو . وأما حين يكون قادراً على ردع المعتدي . فإن كان عفوه يمثل
[1] الإمامة والسياسة ج 1 ص 157 وأنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج 2 ص 367 و 368 .