التجأوا إلى الإصرار والعناد ، ثم بادروا إلى الفساد والافساد كما سنرى . علي « عليه السلام » يضيع الوصية : وعلى كل حال . . فإن مما برر به الخوارج حربهم لعلي « عليه السلام » هو : أنه كان وصياً فضيع الوصية . . الأمر الذي يدل على مدى رسوخ أمر الوصية لعلي « عليه السلام » بالإمامة في قلوب الناس وعقولهم . . فقد ورد أن من جملة ما احتجوا به لحربهم إياه أن قالوا : « إنه كان وصياً ، فضيّع الوصية » . أو قالوا - حسب نص آخر - : « زعم أنه وصي فضيّع الوصية » . فأجابهم « عليه السلام » بقوله : « أما قولكم : إني كنت وصياً ، فضّيعت الوصية [1] ، فإن الله عز وجل يقول : * ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) * [2] . أفرأيتم هذا البيت لو لم يحج إليه أحد ، كان البيت يكفر ؟ ! إن هذا البيت لو تركه من استطاع إليه سبيلا كفر ، وأنتم كفرتم بترككم إياي ، لا أنا كفرت بتركي لكم » [3] .
[1] هذا التعبير يشير إلى أن كلمة « زعم » الموجودة في النص الثاني غير صحيحة ، وأن الصحيح هو أنهم قالوا : إنه كان وصياً الخ . . [2] الآية 97 من سورة آل عمران . [3] راجع : مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 409 و 413 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 192 والمسترشد في إمامة علي بن أبي طالب ص 70 و 71 والاحتجاج ج 1 ص 276 و 278 والبحار طبعة حجرية ج 8 ص 561 وبهج الصباغة ج 7 ص 136 و 171 و 172 وعبارة الإحتجاج هكذا : « وأما قولكم : إني كنت وصياً ، فضيعت الوصية ، فأنتم كفرتم ، وقدمتم علي ، وأزلتم الأمر عني ، وليس على الأوصياء الدعاء إلى أنفسهم ، إنما يبعث الله الأنبياء ، فيدعون إلى أنفسهم ، وأما الوصي ، فمدلول عليه الخ . . » .