تورية علي « عليه السلام » ، وشائعات الخوارج : ويدّعي المعتزلي : أن أمير المؤمنين « عليه السلام » ، قد قال للخوارج كلاماً محتملاً لأكثر من وجه ، ولكن الأشعث اضطره إلى التصريح ، فكان ذلك سبب النهروان حيث ذكر أنه « عليه السلام » قصدهم إلى أماكن تجمعهم ، وسأل أولاً عن الرجل الذي هم به أشد إطافة ، فطلبوا منه أن يتوب ، فقال لهم : « أنا استغفر الله من كل ذنب » . فرجعوا معه ، وهم ستة آلاف . فلما استقروا بالكوفة أشاعوا : أن علياً « عليه السلام » رجع عن التحكيم ، ورآه ضلالاً . وقالوا : إنما ينتظر أمير المؤمنين أن تسمن الكراع ، وتجبى الأموال ، ثم ينهض بهم إلى الشام . فلما طالبه الأشعث بذلك أعلن بتكذيبه ، فخرجت حينئذٍ الخوارج من المسجد فحكّمت [1] . وقد اختصر ابن الأثير هذا الحديث بصورة أخلت بمضمونه ، فراجع [2] . إذن ، فقد تضمنت هذه الرواية أموراً هي : 1 - أن علياً « عليه السلام » قد مارس أسلوب التورية ، لدرء الفتنة ، دون أن يكون قد أظهر خلاف قناعاته ، ودون أن يتنازل عن مبادئه . 2 - أن الأشعث قد مارس أسلوباً خبيثاً ألجأ أمير المؤمنين « عليه السلام » إلى
[1] شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 12 ص 279 والحديث المذكور أوردناه مع مصادره في فقرة أخرى من هذا الكتاب ، فراجع . [2] الكامل في التاريخ ج 3 ص 328 .