المصاحف ، وشكت في صحة القتال بسبب ذلك . وقد يكون ثمة فئة ثالثة قد قبلت التحكيم من موقع إحساسها بالضعف ، والتخاذل والسأم من الحرب . وقد يكون ثمة من يرغب حقاً في حقن الدماء ، بأي ثمن كان . ولكن مما لا شك فيه هو : أن فئة الخوارج كانت في جملة الفريق الرافض للقتال . والنصوص الدالة على ذلك تكاد لا تحصى ، ولا مجال لحصر مصادرها ، وسيمر على القارئ الكريم بعض منها ، انشاء الله . بل هذا هو العنصر الأساس في خروجهم على أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام . التحكيم بنظر علي « عليه السلام » : وحين قبل علي « عليه السلام » بالتحكيم ، تحت ضغط شبح الفتنة التي ظهرت ملامحها في جيشه ، وكان عليه أن يمنع من وقوعها ، فإنه قبل بالتحكيم الذي لو التزم الحكمان بشروطه ، وفق ما يفرضه عليهما الواجب الشرعي لكانت نتيجته هي إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، وذلك يعني ظهور علي « عليه السلام » ، وظهور سلطانه ونصره ، وخذلان معاوية وخطه الانحرافي واندحاره ، وبوار حجته . ولذلك نجد علياً « عليه السلام » يقول لأبي موسى بثقة وحزم : « أحكم بالقرآن ، ولو في حز عنقي » [1] . وقال في خطبته لما استوى الصفان بالنهروان : « وأخذت على
[1] راجع على سبيل المثال : أنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج 2 ص 333 .