استقصاءه لكسرنا له كراريس كثيرة » [1] . هذا ، وقد اعتمد « عليه السلام » في تعامله مع الخوارج على الاخبارات الغيبية بصورة ظاهرة ولافتة ، كما سنرى في ما يأتي من فصول . لقد ملأتم قلبي قيحاً : والذي تجدر الإشارة إليه هنا هو : أن أمير المؤمنين « عليه السلام » حين أراد أن يخبر الناس بالغيب ، لم يقتصر على جعلهم يتصورونه ، بل تجاوز ذلك ، إلى مرحلة الحس ، فجعلهم يلمسونه بأنفسهم ويميزون فيه الصدق من الكذب ، والحق من الباطل . ولكن المفاجأة الكبرى نجدها ، حين نرى أن ذلك لم يكن يترك أثره المطلوب حتى إنه « عليه السلام » بعد أن أظهر لهم وأراهم بأم أعينهم الآيات والشواهد الحسية على صدق إخباراته الغيبية في أمر الخوارج بالذات ثم خطب الناس بالنخيلة ، فقد : « قام إليه رجل منهم ، فقال : ما أحوج أمير المؤمنين اليوم إلى أصحاب النهروان ، ثم تكلم الناس من كل ناحية ، ولغطوا » [2] . وما أشبه هذه القضية بما جرى لموسى مع بني إسرائيل ، حيث إنهم حين فلق الله البحر لموسى ، فصار كل فرق كالطود العظيم . ونجاهم الله من فرعون . وخرجوا من البحر وجدوا قوماً يعكفون على أصنام لهم ، فقالوا لموسى : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة . ويحق لعلي « عليه السلام » بعد هذا أن يقول لأهل العراق الذين لم
[1] راجع : شرح النهج للمعتزلي ج 7 ص 48 و 49 و 50 . [2] الشيعة في التاريخ ص 42 عن شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 146 .