ويتأكد هذا الاستغراب إذا صح ما ذكره البعض من أنه قد كان بين زواج عمر بأم كلثوم ، وإعطائها هذا المهر الكبير ، وبين إعلانه الآنف الذكر ، يومان أو ثلاثة فقط [1] . وهذه الملاحظة وإن كانت لا ترقى إلى حد إسقاط أصل قضية الزواج ، ولكنها على أي حال تبقى مجالاً للحيرة في أهداف هذا التصرف ، وسبب هذا الانتقال من حالة الرفض الشديد لزيادة المهور إلى المبادرة إلى إعطاء أرقام خيالية ، لا تتناسب مع مداخيل عمر - الذي لم يكن يملك من الأموال شيئاً يذكر ، بل كان يرتزق من بيت المال . . وكان يعلن بالزهد والتقشف ، ويتظاهر بذلك بصورة لافتة ومستمرة . . وحتى لو أراد إكرام رسول الله « صلى الله عليه وآله » بهذا المهر الكثير ، فإن السؤال يبقى يلح عليه بالإجابة : من أين جاءته هذه الأموال يا ترى ؟ ! ! ولماذا هذا السخاء النادر الذي لا يتناسب مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للناس . . ولعمر بصورة خاصة ؟ ! وإذا كان يمهر زوجته هذه المبالغ الهائلة : عشرة آلاف دينار ، أو أربعين ألفا ، فكم يكون حجم ثروته ككل ؟ !
[1] السرائر - قسم المستطرفات ( ط جماعة المدرسين ) ج 3 ص 637 ووسائل الشيعة ج 21 باب 9 من أبواب المهور .