وأنه على وشك الدخول في صراع مكشوف مع المشركين . فلا بد من الحذر والاحتياط للأمر ؛ فجمع بني هاشم ، وبني المطلب ، ودعاهم إلى منع الرسول ، والقيام دونه ، فأجابوه ، وقاموا معه ، باستثناء أبي لهب لعنه الله تعالى . ومنع الله عز وجل رسوله ، فلم يكن لهم إلى أن يضروه في شعره وبشره سبيل ، غير أنهم يرمونه بالجنون ، والسحر ، والكهانة ، والشعر ، والقرآن ينزل عليه صلى الله عليه وآله بتكذيبهم . ورسول الله صلى الله عليه وآله قائم بالحق ، ما يثنيه ذلك عن الدعاء إلى الله عز وجل سراً وجهراً . وقد أدرك المشركون : أن الاعتداء على شخصه صلى الله عليه وآله سوف يتسبب في صراع مسلح لم يعدوا له عدته ، وليسوا على يقين من أن تكون نتائجه لصالحهم ، خصوصاً مع ما كان لبني هاشم من علاقات ، ومن أحلاف مع القبائل ، كحلف المطيبين ، وحلف عبد المطلب مع خزاعة التي كانت تقطن خارج مكة . بل قد توجب هذه الحرب - لو نشبت - التمكين لمحمد صلى الله عليه وآله من نشر دعوته [1] .
[1] ويرى بعض المحققين : أن من المحتمل : أن أبا طالب كان يستعمل أسلوب اللين تارة والشدة أخرى ؛ بهدف إثارة حرب كهذه ، تهدف إلى تمكين النبي من نشر دعوته ، كما أشير إليه .