عليه السلام قد حدب عليه ، وقام دونه ، فلم يسلمه لهم ، حاولوا مفاوضة أبي طالب عليه السلام في شأنه . وقد مرت هذه المفاوضات على الظاهر ، بثلاث مراحل ، انتهت كلها بالفشل الذريع . الأولى : أنه مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب عليه السلام . فقالوا له : يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلي بيننا وبينه ، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فنكفيكه . . فقال لهم أبو طالب عليه السلام قولاً رفيقاً ، وردهم رداً جميلاً ، فانصرفوا عنه . الثانية : أنهم حين رأوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله ما زال يظهر دينه ، ويدعو إليه ، حتى شرى الأمر بينه وبينهم ، وحتى تباعد الرجال ، وتضاغنوا ، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله بينها ، ذهبوا إلى أبي طالب عليه السلام ، فتهددوه : إن لم يكف ابن أخيه عن شتم آبائهم ، وتسفيه أحلامهم ، وشتم آلهتهم ، فسوف ينازلونه وإياه ، حتى يهلك أحد الفريقين ، ثم انصرفوا . فأرسل أبو طالب عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره ، وطلب إليه أن يبقي على نفسه وعليه ، ولا يحمله ما لا يطيق . فظن أنه قد بدا لعمه فيه بداء ، وأنه قد ضعف عن نصرته ، والقيام دونه ، فقال له صلى الله عليه وآله :