ولكننا نقول : إن أبا طالب عليه السلام قد كان محظوظاً جداً ، حيث لم يكن قريباً لهؤلاء ، ولا لمن يتولاه هؤلاء ، فنجا من أن تنسب إليه فضائل مكذوبة ، ومن أن يعطى أوسمة لا حقيقة لها ، إذ يكفي هذا الرجل من الفضائل والأوسمة ما كان قد ناله عن جدارة واستحقاق ، بجهاده ، وبإخلاصه ، وبعمله الصالح الذي نال به رضا الله سبحانه . وذلك هو الفضل العظيم ، والحظ الأسعد ، والمقام الأمجد . مفارقات . . ذات دلالة : والغريب في الأمر : أن من هؤلاء القوم ، من يرى أن قاتل عمار بن ياسر من أهل الجنة ، وأن ابن ملجم مجتهد في قتله الإمام علياً عليه السلام ، ثم هم يدافعون عن يزيد بن معاوية لعنه الله ، ويعتبرونه من أهل الجنة ، بل ادَّعى له بعضهم النبوة قبحهم الله وإياه . كما أن البعض كابن عربي يرى : أن فرعون مؤمن ، وأن عبدة العجل موحدون مؤمنون ، إلى غير ذلك من ترهات وأباطيل ، وأضاليل . هذا عدا عن أنهم قالوا : إن حاتم الطائي يدخل النار لكنه لا يعذب بها لجوده ، وأن كسرى لا يعذب لعدله ، وأن أبا سفيان ، أبا معاوية الذي يقول لعثمان حينما صارت إليه الخلافة : قد صارت إليك بعد تيم وعدي ، فأدرها كالكرة ، واجعل أوتادها بني أمية ، فإنما هو الملك ، ولا أدري ما جنة ولا نار [1] . . إن أبا سفيان هذا ،
[1] النزاع والتخاصم ص 20 والصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 6 ص 273 .