نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 116
وقد رأينا استعراض آدم للمسميات وانّه كان اختباراً لعمل الذاكرة ( والعقل ) ، في حين أن عصيانه وإخراجه من الجنة ، كان نتيجة لعمل الذاكرة الخاطئ " نسي ولم نجد له عزماً " فالعزم هو القوة الدافعة للاختيار عند حصول اليقين التام بصحة الاختيار ومنه قوله تعالى ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ ) ( آل عمران : من الآية 159 ) ، وبهذا العزم وصف القرآن بعض الرسل فقال : ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) ( الأحقاف : من الآية 35 ) . ومن هنا كانت الذاكرة هي لب العقل والجزء الفعال في إتقان العقل لعمله ولهذا أرتبط ذكر العقل بكل ما له صلة بالحوادث وتسلسلها والمعرفة الحقة والتمييز بين الأشياء ، فكان استخلاف الله للإنسان في الأرض يكمن في جزء منه في التصميم الخلقي له والتكوين العقلاني لدماغه أي في عقلانيته وامتلاكه الذاكرة فركز القرآن بشدة على الموضوع التاريخي السابق واللاحق ، وكانت القضية التاريخية تشكل جزءاً كبيراً من كتاب الله ، يرى الإمام علي ( ع ) إنها تشكل ربع القرآن . إن العقل ولبّه الذاكرة هما اللذان يشكلان السلم التطوري للإنسان للارتقاء نحو العبودية الحقة لله ، والتحرر من منشأه الطيني والصعود إلى مصدر الروح التي فيه ، فالاقتراب من المبدأ الأول المطلق هو طريقه الوحيد للتحرر من قيود المادة الترابية وخدمة التراب ، والخلاص من ذلك الارتباط الاستعبادي للتراب بالعيش من التراب ثم الموت والرجوع إلى التراب ، ومن هنا كان وجود الماء هو حلقة الوصل بين مرحلتين . . فبالماء صار التراب طيناً لازباً وكلما اقترب من الذات المقدسة أرتفع بروحه في حين يظل الماء يجري تحته في ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) ، وكلما أبتعد عن الذات لاحقته النار ، لتعيده إلى الفخار وإلى الصلصال . . فكأن اللفظ القرآني يشير إلى أن الماء الذي هو سر الحياة وحلقة الوصل إلى نفخ الروح - إما يكون ذليلاً جارياً تحت أقدام المؤمنين وأما أن
116
نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 116