المحتملين ، أن يدال للشام من الكوفة وأن تقضي الحرب وذيولها على الحسن والحسين وعلى من اليهما من أهل بيتهما وشيعتهما . ولا تدبير - يومئذ - للعذر من هذه البائقة الكبرى أروع من أن يلقي معاوية مسؤوليتها على الحسن نفسه ، ويقول للناس - غير كاذب - " اني دعوت الحسن للصلح ، ولكن الحسن أبى الا الحرب ، وكنت أريد له الحياة ، ولكنه أراد لي القتل ، وأردت حقن الدماء ، ولكنه أراد هلاك الناس بيني وبينه . . . " . ولمعاوية من هذه اللباقة الرائعة أهدافه التي لا تتأخر به عن تصفية الحساب مع آل محمد ( ص ) تصفيته الأموية الأخيرة ، وهو إذ ذاك المنتصر العادل المتظاهر بالانصاف ، الذي يشهد له على انصافه كل من كان قد أشهده - قبل الحرب - على ندائه بالصلح . أما الحسن عليه السلام ، فلم يكن الرجل الذي تفوته الرشاقة السياسية ولا الأساليب الدقيقة التي يبرع فيها عدوه للكناية به . وانما كان - على كل حال - أكبر من عدوه دهاء ، وأبرع منه في استغلال الظروف واقتناص الفرص السانحة التي تجتمع عليها كلمة اللّه وكلمة المصلحة معاً . فرأى من ظروفه المتداعية ، ومن سوء نوايا عدوّه فيما أراد من الدعوة إلى " الصلح " ، ما استدعاه إلى الجواب بالايجاب . ثم لم يكفه أنه قضى بذلك على خطط معاوية وشلها عن التنفيذ ، حتى أخذ يضع الخطة الحكيمة من جانبه للقضاء على خصومه باسم الصلح . وسيجئ في الفصول القريبة التوضيح اللائق بالموضوع . معاهدة الصُّلح