وسأل معاوية صعصعة بن صوحان العبدي قائلاً : " أي الخلفاء رأيتموني ؟ " ، فقال صعصعة : " أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهراً ودانهم كبراً ، واستولى بأسباب الباطل كذباً ومكراً . أما واللّه ما لك في يوم بدر مضرب ولا مرمى ، ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير ، ممن أجلب على رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم . وانما أنت طليق وابن طليق أطلقكما رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم . فأنّى تصلح الخلافة لطليق ؟ ! [1] " . ودخل عليه صديقه المغيرة بن شعبة ، ثم انكفأ عنه وهو يقول لابنه : " اني جئت من أخبث الناس ! ! [2] " . ولعنه عامله سمرة يوم عزله عن ولاية البصرة ، فقال : " لعن اللّه معاوية واللّه لو أطعت الله كما أطعته لما عذبني أبداً [3] " . وقال الحسن البصري : " أربع خصال كُنَّ في معاوية لو لم يكن فيه منهن الا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها امرها ( يعني الخلافة ) بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ، واستخلافه ابنه بعده سكّيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير ، وادعاؤه زياداً وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وقتله حجراً ، ويل له من حجر وأصحاب حجر ، ( مرتين ) [4] " . وأبى المعتزلة بيعة معاوية بعد الصلح ، واعتزلوا الحسن ومعاوية جميعاً ، وبذلك سموا أنفسهم " المعتزلة " [5] .
[1] المسعودي ( هامش ابن الأثير ج 6 ص 7 ) . [2] مروج الذهب ( ج 2 ص 342 ) ، وابن أبي الحديد ( ج 2 ص 357 ) . [3] ابن الأثير فيما يرويه عنه في النصائح ( ص 9 ) . [4] الطبري ( ج 6 ص 157 - الطبعة الأولى ) . [5] كتاب التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع : لمحمد بن أحمد الملطي المتوفى سنة 377 هجري ( ص 28 ) .