ولأجل ذلك دعا « عليه السلام » بإضعاف أهل الشرك ، وتقوية أهل الإسلام . ثم جعل الغاية من هذا هي تخصيصه تعالى بالعبادة التي لا يستحقها غيره . وبذلك يكون قد أرغم أهل الشرك أيما إرغام ، وأعز الإسلام أيما إعزاز . والتعبير بكلمة « بقاع » لعله للإشارة إلى بلوغ العبادة والطاعة أعلى المواضع والمواقع في الأرض كلها ، مهما اختلفت في مكوناتها ، وفي حالاتها . . فقد فسرت البقعة بأنها أعلى قطعة من الأرض ، على غير هيئة التي إلى جنبها . . كما قاله صاحب المحكم . وَلا تُعَفَّرَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ جَبْهَةٌ دُونَكَ : وتعفير الجبهة بالتراب وتمريغها به هو غاية الخضوع ، لدلالة ذلك على تأكيد توحد ممازجة أشرف الأعضاء لأهون الأشياء . فلا يستحق هذا التعفير أحد من المعبودين غير الله تبارك وتعالى . . وهذه مرتبة أخرى من مراتب إسقاط الشرك ، ودحره من العقول ، والنفوس ، والقلوب . وتأكيد آخر على انتصار الإيمان وأهله . . فلا بد من إظهار هذه المعاني ، والتسويق لها ، وإسقاط الشرك وهيبته ، وكل ما يعتز به ، وإزالة كل ما فيه تأييد لخط الباطل من عقول وقلوب الناس .