مطلق السماء . كما أن الحديث إنما هو عن حجب الإذن بذلك ، ولم يطلب أن تغور مياههم في الأرض ، ولا إمطارهم بالنوازل والكوارث مثلاً . كما أن الحديث كان عن القطر لا عن المطر ، ربما ليشعروا أن المطلوب هو منعهم حتى من قطرات الماء ، الذي قد لا يعد مطراً إلا إذا كثر وتواصل . . فطلب منع المطر الذي هو أغزر يكون بطريق أولى . . أو فقل : إن التعبير بالقطر يشير إلى انفصال كل نقطة عن مثيلتها ، مما يوحي بالانفراد و بالقلة . . ونزول القطر من شأنه أن يبعث البهجة في النفس ، ويوحي بانفراج الأزمة ، ووجود الاستعداد للأمطار ، ويعطي الأمل . . أما حجبه ، فيقود إلى اليأس منه . والشعور بالخطورة ، ويدعو إلى السعي للخروج من المأزق . وَلا لأَرْضِهِمْ فِي نَبَاتٍ : وإذا ضرب البلاد القحط ، ولم يؤذن للسماء في قطر ، ولا للأرض في نبات ، فذلك يزيد في تردد العدو في الدخول في حرب ، ويثنيه عن مواصلة الحرب التي دخل فيها . ولأجل ذلك يحاول الأعداء تزهيدنا باستصلاح الأرض وبالزراعة . ويحاولون الاستئثار بالمياه لأنفسهم ، وقطعها عنا ، ويحاولون ضرب سدودنا ، أو دفعنا إلى كل ما من شأنه تعطيل الأرض ، وإخراجها عن الصلاحية للزراعة . فلماذا لا يجوز لنا أن نسعى إلى ذلك ، ولو بأن نطلب من الله تعالى أن يفعل بهم ذلك ، فإنه أولى من إزهاق الأرواح ، وإتلاف النفوس ، وما إلى ذلك من مصائب وبلايا ؟ !