وذلك يحتاج إلى إعلام قوي وحاسم في هاتين الناحيتين ، قادر على كشف هذين الأمرين ، وإقناع المقاتل بهما . وربما يكون الخداع باتخاذ أوضاع تظهر خلاف الواقع ، فقد يظهر القوة من ليس بقوي ، أو يظهر الضعف من ليس بضعيف ، وقد يظهر الغنى ، وهو فقير ، أو الفقر ، وهو غني ، أو يظهر الغفلة ، وهو متيقظ ، أو العكس ، وقد يظهر المرض ، وهو صحيح ، والعكس . . وهكذا . وكل ذلك من أجل أن يوقع الطرف الآخر في الشرك ، ويلحق به الخسارة ، ويورد عليه ضربته . وما أكثر هذه الظواهر الخداعة في الدنيا ، الموجبة للوقوع في العناء والبلاء . . فإن الدنيا « غَرُور » بصيغة المبالغة . أي أنها كثيراً ما تظهر للإنسان أحوالاً يظن معها أنه سيحصل على مغانم كبيرة ، ثم يكتشف أن ما ظنه لا واقع له ، بل هو : * ( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) * [1] . فما يتمناه الإنسان من الخلود والبقاء ، ومن الغنى ، ومن الوصول إلى كل ما يشتهيه ، ويحقق به السعادة والسكينة والرضا لنفسه لا يحصل عليه في أي حال . . ولأجل ذلك ترى أنه كل ما وصل إلى شيء وجد في نفسه الحاجة إلى غيره . . ولا تحصل له السكينة ، ولا يجد الغنى ولا الرضا به . .