وَحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ بِعِزَّتِكَ : العزيز : هو المنيع الذي لا يغالب ، ولا ينال . والثغور : هي المواضع التي يخاف منها هجوم العدو ، والحد الفاصل بين المتعاديين . بدأ « عليه السلام » بالحديث عن التحصين ، لأن الأساس في الإسلام هو السلام وعدم العدوان . وهو يفرض منعة وحصانة ، تمنع العدو من التفكير في العدوان . . ولكن إذا فرضت الحرب على أهل الإيمان ظلماً وبغياً من عدوهم عليهم ، فلا بد من التحول إلى حالة الهجوم الذي يسقط إرادة الحرب لدى العدو ، وذلك على قاعدة : « اغزوهم من قبل أن يغزوكم » . وإن تحصين ثغور المسلمين بالعزة الإلهية . . يعني : المزيد من القوة والعزم لدى أهل الإسلام ، والمزيد من الشعور بالخيبة والفشل لدى العدو ، حيث يتأكد له عجزه عن النيل من تلك الثغور ، بل ربما يتبلور لديه شعور بأن الله هو الحامي لتلك الثغور ، والدافع عنها . . فإن العدو حتى لو كان مشركاً ، فإن شركه لا يعني إنكاره للتأثير الإلهي في مسار الأمور ، ولا يمنع من الشعور الفطري بالرهبة من الغيب الذي لا يمكنه إثبات عدمه . . وهذا يؤسس لجعل العدو يشعر باليأس من قدراته المادية مهما بلغت . كما أن العدو إذا كان لديه أدنى شعور بوجود الله فإن ذلك يطل به على الإحساس بالبعد عن رضا الله تبارك وتعالى ، ويسلمه إلى الشعور بالخزي والعار ، حين يرى نفسه في موقع المحارب لله جل وعلا . . وذلك يدخل الفشل والهزيمة إلى نفسه . .