بنحو يرى المؤمنون والمجاهدون عدوهم ذليلاً ، يدال منه أهل الحق ، ويلحقون به أشد أنواع الأذى . . ويبقى علينا الإلماح إلى أن التعدية باللام حين يدال للغازي والمرابط ، وعدم التعدية بها حين يطلب عدم إدالة العدو من المجاهدين ، لعله لأجل : أنه لا حق للأعداء في هذه الإدالة ، لأنهم ظالمون معتدون . وإنما هي حق لأهل الإيمان دون سواهم . . كما هو ظاهر لا يخفى . . فَإِنْ خَتَمْتَ لَهُ بِالسَّعَادَةِ ، وَقَضَيْتَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ فَبَعْدَ أَنْ يَجْتَاحَ عَدُوَّكَ بِالْقَتْلِ ، وَبَعْدَ أَنْ يَجْهَدَ بِهِمُ الأَسْرُ : وقد دلت هذه الفقرة على أن المطلوب هو اجتياح العدو بالقتل والأسر ، لأن ذلك يسقط مقاومته ، ويدخل الرعب في قلبه . ويجعله يحسب ألف حساب قبل أن يفكر من جديد بأية عمليات حربية ضد أهل الإيمان . . ونيل درجة الشهادة بعد الإمعان في قتل العدو وأسره له لذة مضاعفة ، حيث يرى الشهيد بأم عينيه خزي أعدائه في الدنيا والآخرة . . وستهون الشهادة عليه ، وسيرتاح باله ، ويموت قرير العين . حيث يرى أن تضحيته قد أثمرت نصراً ، وقوة وشوكة . . والإجتياح هو : الاستئصال . . فالمطلوب هو القتل الذريع للعدو ، بحيث لا يبقي ولا يذر . . وجهد به : شق عليه ، وأتعبه ، وأضرَّ به ، وبذل كل جهده ليدفعه عن نفسه فلم يقدر . . وفي نص آخر : « بعد أن يديخهم الأسر » . أي أنهم يفقدون توازنهم