قال : فرغبة في دنيا أخذتها لي ولأهل بيتي دونكم ، فنقمتم عليَّ فنكثتم بيعتي ؟ قالوا : لا . قال : فأقمت فيكم الحدود وعطّلتها عن غيركم ؟ قالوا : لا . قال : فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث ! انّي ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف . ثمّ ثنى إلى صاحبه فقال : إنّ الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) ( 1 ) ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، واصطفى محمّداً بالنبوّة ، إنّهم لأصحاب هذه الآية وما قوتلوا منذ نزلت " ( 2 ) . [ 135 ] - 77 - الرضي : ومن كلام له ( عليه السلام ) يبرأ من الظلم : والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّداً أو أُجرّ في الأغلال مصفّداً أحبُّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد وغاصباً لشيء من الحطام ، وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها ويطول في الثرى حلولها ، والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق حتّى استماحني من برّكم صاعاً ، ورأيت صبيانه شعث الشعور ، غبر الألوان من فقرهم كأنّما سوّدت وجوههم بالعظلم ، وعاودني مؤكّداً وكرّر عليَّ القول مردّداً ، فأصغيت إليه سمعي ، فظنّ أنّي أبيعه ديني وأتّبع قياده ، مفارقاً طريقتي ، فأحميت له حديدة ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها ، فضجّ ضجيج ذي دنف من ألمها ، وكاد أن يحترق من ميسمها ، فقلت له : ثكِلتك الثواكل يا عقيل ، أتئنّ من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، وتجرّني إلى نار سجرها جبّارها لغضبه ؟ أتئنّ من الأذى ولا أئنّ من لظى ؟ !
1 - التوبة : 12 . 2 - قرب الإسناد : 96 ح 327 ، عنه تفسير البرهان 2 : 106 .