لِلْعَبِيدِ ) ( 1 ) وأنا من أن أكون مقصِّراً فيما ذكرت أخوف . وأمّا ما ذكرت من أنّ الحقّ ثقل عليهم ففارقونا لذلك ؛ فقد علم الله أنّهم لم يفارقونا من جور ، ولم يدعوا ( إذ فارقونا ) إلى عدل ، ولم يلتمسوا إلاّ دنياً زائلة عنهم كأن قد فارقوها ، وليُسألنّ يوم القيامة : أللدُّنيا أرادوا ، أم لله عملوا ؟ ! وأمّا ما ذكرت من بذل الأموال واصطناع الرجال فإنّا لا يسعنا أن نؤتي إمرءاً من الفيء أكثر من حقّه وقد قال الله وقوله الحقّ : ( كَمْ مِنْ فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ( 2 ) وبعث الله محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم وحده فكثّره بعد القلّة وأعزّ فئته بعد الذّلّة ، وإن يرد الله أن يولّينا هذا الأمر يذلّل لنا صعبه ويسهِّل لنا حَزَنه ، وأنا قابلٌ من رأيك ما كان لله رضىً ، وأنت من أئمن أصحابي وأوثقهم في نفسي وأنصحهم وأرآهم عندي ( 3 ) . [ 134 ] - 76 - الحميري : حدّثني محمّد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمّد ، جميعاً ، عن حنّان ابن سدير ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : " دخل عليَّ أُناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير ، فقلت لهم : كانا من أئمّة الكفر ، إنّ عليّاً ( عليه السلام ) يوم البصرة لمّا صفّ الخيول ، قال لأصحابه : لا تعجلوا على القوم حتّى اُعذر فيما بيني وبين الله عزّوجلّ وبينهم . فقام إليهم فقال : يا أهل البصرة هل تجدون عليَّ جوراً في حكم ؟ قالوا : لا . قال : فحيفاً في قسم ؟ قالوا : لا .
1 - فصلت : 46 . 2 - البقرة : 249 . 3 - الغارات : 46 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 197 مع تفاوت يسير ، بحار الأنوار 41 : 133 عن ابن أبي الحديد وفيه : إنّا قاتلنا أهل البصرة بأهل الكوفة وأهل الشّام بأهل البصرة وأهل الكوفة ورأي النّاس واحد .