من موضع ويخرج من موضع ، فدخل عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عائداً وهو مثل المضغة على نطع ، فلمّا رآه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكى ، فقال له : إن رجلا يصيبه هذا في الله لحقّ على الله أن يفعل به ويفعل ، فقال مجيبا له وبكى : بأبي أنت وأمّي الحمد لله الّذي لم يرني ولّيت عنك ولا فررت بأبي وأمّي كيف حرمت الشّهادة قال : إنّها من ورائك إن شاء الله قال : فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّ أبا سفيان قد أرسل موعده بيننا وبينكم حمراء الأسد ، فقال : بأبي أنت وأمّي والله لو حملت على أيدي الرّجال ما تخلّفت عنك ، قال : فنزل القرآن ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللّهُ يُحِبُّ الصّابِرِينَ ) ( 1 ) . ونزلت الآية فيه قبلها ( وَما كانَ لِنَفْس أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ كِتاباً مُؤَجَّلا وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشّاكِرِينَ ) ( 2 ) . ثمّ ترك الشّكاية في ألم الجراحة شكت المرأتان ( 3 ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما يلقى وقالتا : يا رسول الله قد خشينا عليه ممّا تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع وكتمانه ما يجد من الألم ، قال : فعد ما به من أثر الجراحات عند خروجه من الدّنيا فكانت ألف جراحة من قرنه إلى قدمه ( صلى الله عليه وآله ) . ثمّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، قال : خطب النّاس وقال : أيّها النّاس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فإنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لا يقرب أجلا ولا يؤخّر رزقا ، وذكروا أنّه توضّأ مع النّاس في ميضاة المسجد فزحمه رجل فرمى به فأخذ الدرة فضربه ثمّ قال له : ليس هذا لما صنعت بي ولكن يجيء من هو
1 - آل عمران : 145 . 2 - آل عمران : 144 . 3 - إحداهما نسيبة الجرّاحة والأخرى امرأة غيرها تتصديان معالجة الجرحى في الغزوات .