الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعى بالمقراض فقصّه ، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبهاً به في لباسه وفقهه من عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) ، ولقد دخل أبو جعفر ابنه ( عليهما السلام ) عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه قد اصفرّ لونه من السهر ، ورمضت عيناه من البكاء ، ودبرت جبهته وانخرم أنفه من السجود ، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء ، فبكيت رحمة عليه ، وإذا هو يفكّر ، فالتفت إليَّ بعد هنيئة من دخولي وقال : يا بنيّ ، أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّ ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فأعطيته ، فقرأ فيها شيئاً يسيراً ، ثمّ تركها من يده تضجراً وقال : من يقوى على عبادة عليّ ( عليه السلام ) ( 1 ) . [ 320 ] - 34 - الكليني : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن الصيقل ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إنّ وليّ علىّ ( عليه السلام ) لا يأكل إلاّ الحلال ، لأنّ صاحبه كان كذلك ، وإنّ وليّ عثمان لا يبالي أحلالاً أكل أو حراماً ، لأنّ صاحبه كذا ، قال : ثمّ عاد إلى ذكر عليّ ( عليه السلام ) فقال : أما والّذي ذهب بنفسه ما أكل من الدنيا حراماً ، قليلاً ولا كثيراً حتّى فارقها ، ولا عرض له أمران كلاهما لله طاعة إلاّ أخذ بأشدّهما على بدنه ، ولا نزلت برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شديدة قطّ إلاّ وجّهه فيها ثقةً به ، ولا أطاق أحد من هذه الأُمّة عمل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعده غيره ، ولقد كان يعمل عمل رجل كأنّه ينظر إلى الجنّة والنار ، ولقد أعتق ألف مملوك من صلب ماله ، كلّ ذلك تحفى فيه يداه وتعرّق فيه جبينه ، التماس وجه الله عزّوجلّ والخلاص من النار ، وما كان قوته إلاّ الخلّ والزيت ، وحلواه التّمر إذا وجده ، وملبوسه الكرابيس ، فإذا فضل