هذه الفكرة وما كان معاشاً له ومتجاوباً مع نفسه من الرواسب . على أنّ الناس - كلّ الناس - لا يكادون يختلفون إلاّ نادراً في قدرتهم على التفكيك بين الفكرة وشخصية القائم عليها ، فالتشريع الذي يحرم الرشوة أو الربا أو الاستئثار لا يمكن أن يأخذ مفعوله من نفوس الناس متى عرف الارتشاء أو المراباة أو الاستئثار في شخص المسؤول عن تطبيقه ولو في آن ما ، أو احتمل فيه ذلك . وبما أنّ الإسلام يعالج الإنسان علاجاً مستوعباً لمختلف جهاته داخلية وخارجية ، احتجنا لضمان تبليغه وتطبيقه إلى العصمة في الرسول ، ثم العصمة في الذي يتولّى وظيفته من بعده . وعلى هذا يتضح سرّ إصرار النبي على تعيين أهل بيته الذين أعدّهم الله لهذه المهمّة إعداداً خاصاً ، بالإضافة إلى مواهبهم الإرادية للقيام بشؤونها . وما لنا نبعد بالأُستاذ أبي زهرة وطبيعة النص - الذي تحدّث حوله - تقتضيه ، وهل وراء التعبير بلفظ : " مخلّف " ولفظ " خليفتين " ما يؤدّي هذا المعنى ؟ على أنّ الأخ أبا زهرة حاول أن يقتطع النص من أجوائه إلى تسلّط الأضواء على تحديد مفاهيمه ، ويدرسه بعيداً عنها ، فوقع فيما وقع فيه . وهل نسي حضرته مجيئه في معرض التمهيد لحديث النصّ في يوم الغدير ، ومما جاء فيه : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ،