اختلافها يفسر بعضها بعضاً ، ويعين بعضها المراد من البعض . على أنّا لا نحتاج في بدء النظر إلى أكثر من تشخيص واحد منهم يكون المرجع للقيام بمهمته من بعده ، وهو بدوره يعيّن الخلف الذي يأتي بعده ، وهكذا . . . وليس من الضروري أن يتولّى ذلك النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه إن لم نقل أنّه غير طبيعي لولا أن تقتضيه بعض الاعتبارات . ومن هنا احتجنا إلى النصّ على من يقوم بوظيفة الإمامة ، لأنّ استيعاب السنة والأحكام الشرعية وطبيعة الصيانة لحفظها التي تستدعي العصمة لصاحبها والعاصمية للآخرين ، ليست من الصفات البارزة التي يدركها جميع الناس ليتركها مسرحاً لاختيارهم وتمييزهم ، ولو أمكن تركها لهم في مجال التشخيص فليس من الضروري أن يتّفق الناس على اختيار صاحبها بالذات مع تباين عواطفهم وميولهم . وطبيعة الصيانة والحفظ ومراعاة استمرارها منهجاً وتطبيقاً في الحياة تستدعي اتخاذ مختلف الاحتياطات اللازمة لذلك . ولقد أغنانا ( صلى الله عليه وآله ) حين عيّن علياً ( عليه السلام ) في نفس حديث الثقلين وسمّاه من بين أهل بيته لينهض بوظائفه من بعده ، ومما جاء في خطابه التاريخي في يوم غدير خم - وهو ينعى نفسه لعشرات الأُلوف من المسلمين الذين كانوا معه - : " كأنّي قد دعيتُ فأجبتُ ، إنّي قد تركتُ فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي ، فانظروا كيف تخلفونني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ