وهناك كلمات أمير المؤمنين المعبرة عن حالة العرب ، وأنهم كانوا على « شر دين ، وفي شر دار ، بين حجارة خشن ، وحيات صم ، تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب إلخ » [1] . وله « عليه السلام » كلمات أخرى تعبر عن حالة العرب . . فليراجعها من أرادها . . وليراجع أيضاً كلام المغيرة بن شعبة في هذا المجال [2] . وإذا كانت هذه حالتهم ، فإنهم لم يكن يمكن لهم أن يسمحوا لمخيّلتهم أن يمر فيها وَهمُ الخروج من حالتهم تلك ، فضلاً عن أن يفكروا في السيطرة على الإمبراطورية الكسروية وغيرها ، ويصبحوا بين يوم وآخر أسياد العالم وحكامه ، والمسيطرين على قدراته وإمكاناته . أضف إلى ذلك : أن الأكثرية الساحقة حين حصول هذا التحول الهائل في واقعهم ، كانت لا تزال تعيش في ظل مفاهيمها الجاهلية ، وتخضع للضوابط والمعايير القبلية ، وتنطلق في مواقفها من أهوائها ، وعصبياتها ، ومصالحها الشخصية . ولم يتهيأ لها ، أو لم تكلف نفسها عناء العيش في ظل مفاهيم الإسلام وتعاليمه ، ولم تتفاعل مع قيمه ومثله ، ولا عاشت التجربة إلا في حدود الشعار ، أو التوهج العاطفي ، الذي لم يتأصل في وعيها ، ولم يتجذر في
[1] نهج البلاغة ( بشرح محمد عبده ) الخطبة رقم 25 . [2] راجع في ذلك كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم « صلى الله عليه وآله » ( الطبعة الأولى 1403 ) ج 1 ص 47 و 48 .