كان بهذه الصورة - ؛ إذ أنه هو نفسه قد خطب إلى العرب أكثر من مرة ، حتى لقد خطب إلى خليفتهم بالذات ، وقد ردّوه ، ورفضوا تزويجه ، واعتبر هو ردّهم له من حمية الجاهلية ، حسبما أسلفنا . وهو بذلك يكون قد ساهم في فضح ، وإدانة سياسات التمييز العنصري ، التي كان الحكام ، ومن يدور في فلكهم يمارسونها ، سراً ، وعلناً ، حسبما تقتضيه ظروفهم . وإذا كان لهذا الأمر الذي أشير إليه بقوله : « أمِرنا » . . الخ . . أساس من الصحة ؛ فلا بد وأن لا يكون من الأوامر الإلهية ، ولا النبوية ، وإلا لكان سلمان قد أذعن له ، والتزم به . . فلعله أمر قد صدر فعلاً ، ولكن ليس عن النبيّ ، وإنما عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب . . ولعل الاصرار عن أن يكون هذا الحكم الظالم ، جارياً على لسان خصوص سلمان ، ثم يصوّره الراوي على أنه صادر من غير قائله الحقيقي ، وبالذات من شخص رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . لعل ذلك - للتغطية على هذه المخالفة التي صدرت من الخليفة في حق سلمان ، وجعلها في معرض الشك والترديد ، شرط أن يساهم ذلك في تقوية ركائز هذه السياسة الظالمة ، ويعطيها شرعية قائمة على أساس التعبد والدين . . ومما يؤيّد أن تكون هذه الكلمة ، التي تُقَرر عدم التزويج بين العرب وغيرهم ، قد صدرت من نفس الخليفة ، عمر بن الخطاب : ما روي عن يزيد بن حبيب ، قال : قال عمر بن الخطاب لسلمان : يا