غير العرب هم روّاد العلم والثقافة : ورغم أن السياسة الأموية القاسية تجاه غير العرب ، والتي لم تكن إلا استمراراً لسياسة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد أرهقت غير العرب ، وحرمتهم من أبسط الحقوق الإنسانية والشرعية . . فان هؤلاء الناس قد اتجهوا نحو ما هو أهم ونفعه أعم ، فحصلوا على المجد والرفعة عن طريق العلم والمعرفة ، وأقبلوا على الإسلام ، وعلى النهل من معين معارفه ، وآدابه ، والغوص في بحار علومه وحقائقه بصورة مثيرة ومذهلة . حتى لقد أصبحوا في مدة وجيزة هم علماء الأمة ، وقراء الإسلام ، ودعاته ، ونحن نذكر هنا النصوص التالية : 1 - قال أبو هلال العسكري عن الحجاج : « . . وهو أول من نقش على يد كل رجل اسم قريته ، ورده إليها . وأخرج الموالي من بين العرب . . إلى أن قال : وكان الذي دعاه إلى ذلك : أن أكثر القراء ، والفقهاء ، كانوا من الموالي . وكانوا جلّ من خرج عليه مع ابن الأشعث ؛ فأراد أن يزيلهم من موضع الفصاحة والأدب ، ويخلطهم بأهل القرى ؛ فيخمل ذكرهم . وكان سعيد بن جبير منهم ، وكان عبد رجل من بني أسد ، اشتراه ابن العاص ؛ فأعتقه ، فلما أتي به الحجاج ، قال : يا شقي بن كسير ، أما قدمت الكوفة ، وما يؤم بها [ إلا ] [1] عربي ؛
[1] هذه الكلمة ساقطة من كتاب الأوائل ، لكنها موجودة في شذرات الذهب وفي وفيات الأعيان ج 2 ص 373 .