وسيأتي المزيد من الشواهد على هذه السياسة حين الكلام على اتجاه الموالي نحو العلوم وتحصيلها فانتظر ، هذا بالإضافة إلى ما سوف نورده حين الكلام على سياسة الخليفة الثاني في هذه المجال . . بقي أن نشير إلى أن ظاهرة توليه بني أمية الدواوين للموالي ، دون العرب لا تشكل خرقاً لهذه السياسة ، وذلك لأنهم كانوا مجبرين على ذلك ، بسبب أن العرب كانوا لا يكتبون ، ولا يحسبون [1] . في عهد العباسيين : أما في عهد العباسيين ، فقد كانت التقلبات السياسية ، التي كان لغير العرب دور كبير فيها وفي صنعها ، وتوجيهها - كان لها - تأثير بارز على ظهور التعصبات العرقية ، والعنصرية بين حين وآخر ، على درجات متفاوتة من القوة والضعف ، وقد صاحب ذلك تهيؤ الفرصة أمام غير العرب ، للتعبير عن رأيهم في هذه القضية ، والدفاع عن مبدأ المساواة بين الناس ، بقوة وبحرية . . ولكن موضوع التمييز العرقي ، والشعور العنصري ، بقي له دوره في كثير من المواضع والمواقع ، وكان له تأثيره في كثير من التقلبات ، والمواقف ، ولا نريد هنا تقصي هذا الأمر ، وإنما نريد فقط الالماح إلى مورد أو موردين ظهر فيهما هذا الأمر جلياً وواضحاً ، ونكل أمر تقصي ذلك إلى من يهمه هذا الأمر .
[1] تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني جزء 4 ص 342 عن المسعودي ج 2 ص 114 .