فنقول : إنه عدا عن الفتن العرقية والثورات العنصرية التي ظهرت في أكناف وأطراف الدولة الإسلامية هنا وهناك ، وهي كثيرة جداً [1] فإننا نجد : 1 - إنه يظهر : أن سياسة الاتهام بالزندقة ، التي تعني لزوم قتل المتهم بها ، - هذه السياسة - يرجع تاريخها إلى عهد بني أمية ، ثم تبناها العباسيون بصورة أكثر فعالية ، وحزماً ، وتشدداً . وكانت هذه التهمة تمثل أسلوب الانتقام الناجح من الخصوم ، من دون أن يثير أية سلبيات ظاهرة ، بل ان فيها ايجابية اظهار الهيئة الحاكمة حريصة على الشريعة ، مهمتة بأمر الدين ، متجلببة جلباب التقوى ، والخشية والورع . وقد طالت هذه التهمة الموالي بالدرجة الأولى ، وخصوصاً المثقفين والواعين منهم ، ويظهر من بعض النصوص : أن الموالي كانوا مستهدفين - هم والشيعة - بصورة رئيسية ، وأساسية ، يقول الجاحظ : « . . فان عامة من ارتاب بالإسلام ، إنما كان ذلك أول رأي « الشعوبية » ، والتمادي فيه ، وطول الجدال المؤدي إلى القتال ؛ فإذا أبغض شيئاً ، أبغض أهله . . إلخ » [2] . وقد ادعى البعض : أن أغلب الزنادقة ، كانوا من الموالي ، أما العرب ؛
[1] راجع : على سبيل المثال الفتن والحروب التي جرت في عهد الرشيد ما بين سنة 170 و 185 فإن في ذلك مقنعاً وكفاية ، لمن أراد الرشد والهداية . [2] الحيوان : ج 7 ص 220 ، الجذور التاريخية للزندقة والشعوبية عن البيان والتبيين : ج 3 ص 14 ولم نجده فيه ، ولعلّه قد اشتبه عليه الأمر .