والانحسار أمام قوة اندفاعه ، وعمقها . . ولو أن الإسلام بقي هو صاحب القرار على الساحة ، لاقتلعت كل جذورها ، وعفيت جميع آثارها . . وإلى أبد الآبدين . . غير أنّه بعد وفاة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، حينما استطاعت فئة معينة أن تختلس القرار السياسي من أصحابه الشرعيين ، ولم تكن معظم المواقع في هيكلية الحكم التي أقامتها تمتلك المناعات الكافية ، ولا الدوافع الحقيقية في مجال الالتزام والحركة ، ولا القدرات الفكرية أو العلمية الغنية ، والقوية ، والأصيلة في فهم الإسلام وتشريعاته ، لا في المجال النظري ، ولا على صعيد العمل والموقف . . الأمر الذي أفسح المجال لكثير من النزعات ، والانحرافات للظهور ، والاعراب عن نفسها من جديد . ووجدت الكثيرين على استعداد لدعمها ، وتوفير الشرعية لها ، عن طريق جعل الحديث على لسان الرسول « صلى الله عليه وآله » ؛ ليصبح الانحراف ديناً ، والهوى شريعة . . العرب . . والفتوحات : ثم . . وبعد أن فتح العرب البلاد ، واستجاب لدعوة الإسلام العباد ، وارتبط الناس من غير العرب بكثير من القبائل العربية برابطة الولاء ، ورأى العرب : أنهم المنتصرون ، وأنهم المتفضلون ، وأنهم يملكون جمعي مصادر القوة ، وقد ذل لهم العزيز ، وضعف لديهم القوي . . فإنهم قد بدأوا يعاملون هؤلاء الناس من موقع السيادة والهيمنة ، والإستئثار ، والغطرسة ، والاستهتار . .