ولم يقتصر الأمر في ذلك على الحكام ، بل قد تعداهم إلى مختلف فئات الشعب ، وطبقاته . . حتى لقد ظهرت آثار ذلك في الفتاوى الفقهية ، والنظريات العقائدية لدى كثر من الذين تصدوا للفتوى ، وللتنظير في مجال الاعتقادات . . وقد حفظ التاريخ لنا الكثير الكثير ، مما يثبت حقيقة هذه النظرة ، ويعطي صورة واضحة عن هذا التعامل القبيح ، والرذل ، سواء على مستوى السياسة المعتمدة والمدروسة في واقع الحكم ، أو على مستوى التعامل العفوي ، واليومي لدى عامة الناس ، وفي مختلف المواضع والمواقع . . تمحل الاعذار لا يجدي : ولئن حاول البعض : اعتبار ما ورد مما يشير إلى ظاهرة احتقار العرب للموالي ، من قبيل الحالات النادرة ، التي يسجلها العلماء ؛ لما فيها من صفة الندرة والشذوذ ، كما وشكك في بعض ما يذكر من إرهاق الموالي بالضرائب ، وحرمانهم من العطاء وغير ذلك . . لئن حاول هذا البعض ذلك . . [1] . فإنها كانت محاولة فاشلة وعقيمة ، وليس لها أية قيمة علمية ، وذلك لأنها - لو صحت - فلسوف تعني ، لنا : أننا سوف لن نستطيع إثبات أية حقيقة تاريخية على الاطلاق ، بل أننا سوف نشك حتى في وجود معاوية ،
[1] عبد العزيز الدوري : الجذور التاريخية للشعوبية ص 16 - 20 .