نام کتاب : سر الإسراء في شرح حديث المعراج نویسنده : الشيخ علي سعادت پرور جلد : 1 صفحه : 122
قمع هوى نفسه ، فإن هذه النفس أبعد شئ منزعا ، وإنها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى . . . ) [1] أقول : لا يخفى أنه ليس المراد من الوسواس في هذه الجملة من الحديث ( ويحفظ قلبه من الوسواس ) ، خصوص معناه العرفي الذي يطلق على من يكثر الشك منه ويسمى شكاكا ، كما أنه ليس المراد منه خصوص الحالة التي تعرض على القلب عند فعل المعاصي والقبائح ، بل المراد منه هو معناه الواسع . فكل ما يصرف القلب عن التوجه إلى الحق سبحانه ويصده من ذكره تعالى ، فهي وسوسة يلزم كف النفس عنها . وعلى القارئ العزيز أن يمعن النظر في ما أوردناه من الآيات والروايات على اختلاف معانيها في ذيل هذه الفقرة ، حتى يتضح له جهات كثيرة من البحث ، ويتهيأ بعون الله لرفع هذا المرض القلبي ، الذي أشد من مرض البدن ، بما بين في هذه الآيات والروايات من طريق العلاج ، كالعوذ بالرب تعالى ، والمخالفة للهواجس النفسانية التي هي في الحقيقة من أنواع الوسوسة ، وكذا المخالفة مع عدوه المبين الذي بمنزلة أم الوسوسة ، وإلقاء واردات الهموم بعزائم الصبر ، وكثرة قول لا إله إلا الله ، بل والالتفات القلبي إلى هذه الكلمة الشريفة ، ولا سيما ذكر تقطع الأوصال في القبر وخروج نبات الماء من المنخر ورجوع جميع الأحباء عنه بعد الدفن ، فإنه لو فعل ذلك ، يرجى أن يخرج من هذه الرذيلة ويتصف بما يقابلها من السكينة ، وهي لا تحصل إلا بالاقبال على حقيقة الذكر ، قال الله تعالى : ( ألا ! بذكر الله تطمئن القلوب ) [2] فإن السلوك في طريق دفع الوسوسة وان كان صعبا يحتاج إلى شجاعة تغلب على الهوى ولا يأتي إلا في كره ، إلا أن الرحمان تعالى يهدي من جاهد فيه إلى سبله ، ويخرج برحمته عباده المجاهدين من ظلمة الوسوسة إلى نور السكينة .