نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 188
احفر ظبية . قال : وما ظبية ؟ فذهب عنه فلما كان من الغد عاد إلى مضجعه فنام فيه فأتي فقيل له : احفر زمزم . قال : وما زمزم ؟ قال : لا تنزف ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم . ثم ادع بالماء الروى غير الكدر * تسقي حجيج الله في كل مبر [1] ليس يخاف منه شئ ما عمر فخرج عبد المطلب حين قيل له ذلك إلى قريش فقال : تعلموا أني قد أمرت بحفر زمزم . فقالوا : فهل بين لك أين هي ؟ قال : لا . قالوا : فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت ، فإن يك حقا من الله يبين لك ، وإن يك من الشيطان فلن يعود إليك . فرجع عبد المطلب إلى مضجعه فنام فيه وقال " اللهم بين لي . فأرى في المنام : احفرتكتم . وفي لفظ : فقيل له : احفر زمزم إن حفرتها لم تذم ، وهي تراث من أبيك الأعظم ، لا تنزف ولا تذم ، تسقي الحجيج الأعظم ، مثل نعام جافل لم يقسم ، ينفذ فيها ناذر لمغنم ، تكون ميراثا وعقدا محكم ، ليست كبعض ما قد تعلم . فقال : وأين هي ؟ فقيل له : بين الفرث والدم ، في مبحث الغراب الأعصم ، في قرية النمل . فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمي له من الآيات ، فنحرت بقرة بالحزورة فانفلتت من جازرها بحشاشة نفسها حتى غلبها الموت في المسجد في موضع زمزم بين الوثنين إساف ونائلة فنحرت تلك البقرة في مكانها حتى احتمل لحمها ، فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث ، فبحث عن قرية النمل . فقام عبد المطلب فحفر هنالك ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره ، فجاءته قريش فقالت له : ما هذا الصنيع ؟ قال : أمرت بحفر زمزم ، فلما كشف عنه وبصروا بالطي كبر ، فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته ، فقاموا إليه فقالوا : يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها . قال : ما أنا بفاعل ، إن هذا الأمر خصصت به دونكم . قالوا : تحاكمنا ؟ قال : نعم . قالوا : بيننا وبينك كاهنة بني سعد بن هذيم ، وكانت بأشراف الشام . فركب عبد المطلب في نفر من بني أمية وركب من كل بطن من أفناء قريش نفر ، وكانت الأرض مفاوز فيما بين الشام والحجاز ، حتى إذا كانوا بمفازة من تلك البلاد فني ما عند عبد المطلب وأصحابه من الماء حتى أيقنوا بالهلكة ، ثم استسقوا القوم قالوا : ما نستطيع أن نسقيكم ، وإنا نخاف مثل الذي أصابكم . فقال عبد المطلب لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : ما رأينا إلا تبع لرأيك . قال : فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته ، وكلما مات رجل منكم دفعه أصحابه في حفرته حتى يكون آخركم يدفعه صاحبه ، فضيعة رجل أهون من ضيعة
[1] الأبيات في البداية والنهاية 2 / 243 ، والسيرة النبوية في الروض الأنف 1 / 168 .
188
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 188