responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 72


حكما تتبلور فيها طبائع الصديق والعدو ، والمحسن والمسئ ، والأحمق والعاقل ، والبخيل والكريم ، والصادق والمنافق ، والظالم والمظلوم ، والمعوز والمتخم ، وصاحب الحق وصاحب الباطل ، ومفهوم الخلق السليم والخلق السقيم ، وشؤون الجاهل والعالم ، والناطق والصامت ، والأرعن والحليم ، وصفات الطامع والقانع ، وأحوال العسر واليسر ، وتقلبات الزمان وما لها من أثر في أخلاق الرجال ، وما إلى ذلك من أمور لا تحصى في فصل أو باب .
أما تلك التي يخاطب بها الضمير ، والعقل والضمير مجتمعين ، فإليك ما هي وما حولها :
من الثابت أن الذين رأوا في الأنظمة والتشريعات وحدها سلامة الإنسان وكفاية المجتمع ، قد أخطأوا خطأ عظيما . فإن هذه الأنظمة والتشريعات التي تعلن عن حقوق الإنسان وتأمر برعايتها والمحافظة عليها ، لا يضبطها في النتيجة ، كما لا يخلص في اكتشافها وابتداعها ، إلا عقل سليم ونفس مهذبة وضمير راق . فإن دنيا الناس هذه يرتبط كل ما فيها ، ضمن حدود معينة طبعا ، بأخلاق القيمين على دساتيرها وأنظمتها ، وبمدى الخير الذي يتسع في نفوسهم أو يضيق ، بقدر ما يرتبط بضمير الجماعة التي تؤلف ميدان هذه الأنظمة والدساتير وتبرر وجودها . هذا ، مع الاعتراف بأن الأنظمة الاجتماعية الحديثة تتفاوت تفاوتا عظيما في سماحها للقيمين عليها بمسايرتها أو بالخروج عليها وذلك بحكم طبيعتها وبنسبة ما تحويه أصولها من إمكانات التنفيذ . أما الأنظمة والدساتير القديمة ، فقد كانت أكثر تأثرا بأخلاق القيمين عليها المشرفين على إقامة ما تقتضيه من حدود .
ولذلك أسباب ليست من موضوع حديثنا هذا .
وبالرغم من أن الأنظمة والتشريعات الصالحة من شأنها أن توجه الناس وتفرض عليهم ما يؤدي إلى نفعهم فرضا ، فإن هذا التوجيه وهذا الفرض يظلان خارج حدود القيمة الإنسانية إن لم يوافقهما العمل النابع من الوجدان بالذات . وفي مذهبنا إن كل عمل يأتيه الإنسان لا بد أنه فاقد الدف ء الإنساني ، وهو أثمن وأعظم ما يوافق الصنيع الإنساني ، إن لم يحمل وهج الضمير وعبق النفس وإرادة العطاء على غير قسر وإكراه . ولا تنجح الأنظمة

72

نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست