responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 66


على القارئ إلا أن يطلع على الروائع التي أخذناها من أدب ابن أبي طالب في هذا الكتاب حتى يثق بأن المجلدات قد تضيق عن دراسة مذهبه في الأخلاق وتهذيب النفس ، وعما تستوجبه هذه المختارات من شرح وتعليق .
ويكفي أن نشير إلى أن هذه الروائع العلوية من أشرف ما في تراث الإنسان ، ومن أعظمه اتساعا عمقا .
على أنه لا بد لنا الآن من التلميح إلى آية الآيات في تهذيب العظيم بوصفه إحساسا عميقا بقيمة الحياة وكرامة النفس وكمال الوجود . وإن نفرا قليلا من المتفوقين كبوذا والمسيح وبتهوفن وأشباههم هم الذين أدركوا أن آية التهذيب أنما تكون في الدرجة الأولى بين الإنسان ونفسه . ولا تكون بين الإنسان وما هو خارج عنه إلا انبثاقا بديهيا طبيعيا عن الحالة الأولى . وقد أدرك ابن أبي طالب هذه الحقيقة إدراكا قويا واضحا لا غموض فيه ولا إيهام . وعبر عنها تعبيرا جامعا . يقول علي في ضرورة احترام الإنسان نفسه وأعماله دون أن يكون عليه رقيب : ( اتقوا المعاصي في الخلوات ) . ويقول في المعنى ذاته : ( إياك وكل عمل في السر يستحي منه في العلانية . وإياك وكل عمل إذا ذكر لصاحبه أنكره ) .
وإليك ما يقوله في الرابطة بين السر والعلانية ، أو بين ما أسميناه ( آية التهذيب ) وما أسميناه ( انبثاقا ) عنها : ( من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ) .
ومن بدائع حكيم الصين كنفوشيوس في تهذيب النفس هذه الكلمة ، ( كل على مائدتك كأنك تأكل على مائدة ملك ) . وجلي أنه يريد منك أن تحترم نفسك احتراما مطلقا غير مرهون بظرف أو مناسبة ، حتى ليجدر بك أن تتصرف حين تخلو إلى نفسك كما تتصرف وأنت بين يدي ملك . ومثل هذا المعنى يقوله علي بن أبي طالب على هيئة جديدة : ( ليتزين أحدكم لأخيه كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة ! ) .
وهو يريدك في كل حال أن تعظ أخاك لتعينه في الانتقال من حسن إلى أحسن في الخلق والذوق والمسك . ولكن روح التهذيب الأصيل يأبى عليك أن تجرحه أو تؤذيه بنصحه علنا ، بل إن هذا الروح يقضي عليك أن تكون لينا رفيقا فلا تنصح إلا خفية ولا تعظ إلا سرا . يقول علي : ( من وعظ أخاه سرا فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه ) .

66

نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست