responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 30


ويبلغ أسلوب علي قمة الجمال في المواقف الخطابية ، أي في المواقف التي تثور بها عاطفته الجياشة ، ويتقد خياله فتعتلج فيه صور حارة من أحداث الحياة التي تمرس بها . فإذا بالبلاغة تزخر في قلبه وتتدفق على لسانه تدفق البحار . ويتميز أسلوبه ، في مثل هذه المواقف ، بالتكرار بغية التقرير والتأثير ، وباستعمال المترادفات وباختيار الكلمات الجزلة ذات الرنين . وقد تتعاقب فيه ضروب التعبير من إخبار إلى استفهام إلى تعجب إلى إلى استنكار . وتكون مواطن الوقف فيه قوية شافية للنفس . وفي ذلك ما فيه من معنى البلاغة وروح الفن . وإليك مثلا على هذا خطبة الجهاد المشهورة ، وقد خطب علي بها الناس لما أغار سفيان بن عوف الأسدي على مدينة الأنبار بالعراق وقتل عامله عليها :
( هذا أخو غامد ( 1 ) قد بلغت خيله الأنبار وقتل حسان بن حسان البكري وأزال خيلكم عن مسالحها وقتل منكم رجالا صالحين .
( وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة ، والأخرى المعاهدة ، فينزع حجلها ، وقلبها ، ورعاثها ، ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلا منهم كلم ، ولا أريق لهم دم ، فلو أن امرءا مسلما مات من بعد هذا أسفا ، ما كان به ملوما ، بل كان به عندي جديرا .
( فيا عجبا . والله يميت القلب ويجلب الهم اجتماع هؤلاء على باطلهم وتفرقكم عن حقكم . فقبحا لكم حين صرتم غرضا يرمى : يغار عليكم ولا تغيرون ، وتغزون ولا تغزون ويعصى الله وترضون ! ) فانظر إلى مقدرة الإمام في هذه الكلمات الموجزة . فإنه تدرج في إثارة شعور سامعيه حتى وصل بهم إلى ما يصبو إليه . وسلك إلى ذلك طريقا تتوفر فيه بلاغة الأداء وقوة التأثير .
فإنه أخبر قومه بغزو سفيان بن عوف الأنبار وفي ذلك ما فيه من عار يلحق بهم . ثم أخبرهم بأن هذا المعتدي إنما قتل عامل أمير المؤمنين في جملة ما قتل ، وبأن هذا المعتدي لم يكتف بذلك بل أغمد سيفه في نحور كثيرة من رجالهم وأهليهم .


1 - إذا شئت شرحا للمفردات والتعابير الغريبة الواردة في هذه الخطبة ، فارجع إليها في مكانها من هذا الكتاب

30

نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست