نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 21
في زاوية بعيدة من السماء شبيهة بصحراء حزينة يتلاشى الصوت فيها ، سوى قليل من الرماد الأحمر قد انتثر في جوف الليل ! وها هي ذي نجوم مجرة أخرى تصور عوالم لا تقل عن تلك العوالم ، متناثرة في الأثير ، ذلك المحيط الذي لا رمال فيه ولا حصباء في جوانبه ، تذهب أمواجه ولكن لا تعود أبدا إلى شواطئه . وأخيرا ها هو الإله يتحدث : ( ليس لدي إلا أن أنفخ ، فيصبح كل شئ ظلاما ( 1 ) ) وإليك ما يقوله علي بن أبي طالب في صفة الطاووس ( 2 ) ) : ( ومن أعجبها خلقا الطاووس الذي إقامة في أحكم تعديل ، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد . بجناح أشرح قصبه . وذنب أطال مسحبه . إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه وسما به مظلا على رأسه . تخال قصبه مداري من فضة ، وما انبت عليه من عجيب داراته وشموسه خالص العقيان وفلذ الزبرجد . فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت : جنى جني من زهرة كل ربيع . وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشى الحلل أو مونق عصب اليمن . وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل : يمشي مشي المرح المختال ، ويتصفح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله وأصابيغ وشاحه ( فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا يكاد يبين عن استغاثته . ويشهد بصادق توجعه لأن قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية . وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة . ومخرج عنقه كالإبريق ، ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية ، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال
1 - نظرية الأنواع الأدبية ، ترجمه عن الفرنسية الدكتور حسن عون . 2 - ما تحتاج إليه من شرح المفردات والتعابير الواردة في هذه القطعة ، تجده في فصل ( خلقة الطاووس ) بهذا الكتاب .
21
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 21