نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 202
في وصفها تعبا ! فتعالى الذي أقامها على قوائمها وبناها على دعائمها ! لم يشركه في فطرتها فاطر ولم يعنه في خلقها قادر . ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة ، لدقيق تفصيل كل شئ ( 1 ) وغامض اختلاف كل حي ! وما الجليل واللطيف ، والثقيل والخفيف ، والقوي والضعيف في خلقه إلا سواء ! خلقة الجرادة ومنها في وصف الجرادة : وإن شئت قلت في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين ، وأسرج لها حدقتين قمراوين ( 2 ) وجعل لها السمع الخفي ، وفتح لها الفم السوي وجعل لها الحس القوي ، ونابين بهما تقرض ومنجلين بهما تقبض ( 3 ) يرهبها الزراع في زرعهم ولا يستطيعون ذبها ( 4 ) ولو أجلبوا بجمعهم ، حتى ترد الحرث في نزواتها ( 5 ) وتقضي منه شهواتها ! وخلقها كله لا يكون إصبعا مستدقة !
1 - أي : إن دقة التفصيل في النملة على صغرها وفي النخلة على طولها ، تدلك على أن الصانع واحد . 2 - أي : مضيئتين كأن منهما ليلة أضاءها القمر . 3 - أراد بالمنجلين هنا : رجليها ، لاعوجاجهما وخشونتهما . 4 - دفعها 5 - وثباتها .
202
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 202