ألف : إن ذلك أيضاً قد لا يلتفت إليه أكثر الناس ، إذا لم يكونوا مترقبين له ؛ لأن النور الغامر في لحظة مغيب الشمس لا يقل كثيراً عن النور المتدفق منها حينما تبدأ بالمغيب . . فيمكن أن ترد الشمس ، ويصلي « عليه السلام » العصر في هذه الفترة ، ولا يعرف الكثيرون بما حدث . . ب : وأما بالنسبة للروايات التي صرحت بأن الشمس قد ردت بعد المغيب إلى ربع الأفق مثلاً ، أي إلى موقع فضيلة صلاة العصر ، فربما يكون الله تعالى قد تصرف في أبصار الخلائق ، حتى لا يراها إلا الذين قصد الله أن يريهم إياها ؛ ليبطل كيدهم ، وليقيم الحجة عليهم ، وتماماً كما يرى إنسان الأرواح ، ولا يراها الآخر الذي يقف إلى جانبه ، وكما يرى النبي الملائكة وجبرئيل والجن ، ولا يراهم أحد ممن يكون في مجلسه سواه . وكما تنكشف الآفاق والغائبات وغيرها للنبي « صلى الله عليه وآله » وللإمام « عليه السلام » بكشف الله تعالى له ، ولا تنكشف لأحد ممن حضر مجلسه . . والحاصل : أن الله تعالى قد يتصرف بالشمس ، وبأبصار بعض الناس لمنعهم عن رؤية ما يحدث لها ، أو بالكرة الأرضية ، أو بجزء منها ، ويمنع من أن يشعر جميع الناس بذلك ، بل يشعر به المقصود دون به إتماماً للحجة عليهم أو لمصالح أخرى ، وذلك لأنه لم يرد أن يدهش الخلائق ، ويثير الذعر فيهم ؛ لأن ذلك يخل بسياسته لهم ، التي تقضي بأن يؤمنوا بمحض اختيارهم ، وعن قناعة وتدبر ، وعن روية وتبصر ، بعيداً عن أي وجل أو خوف ، أو قهر أو إلجاء ، وتلك هي السياسة الإلهية الحاكمة والسارية فيما يرتبط بقضايا الإيمان والإسلام .