ثانياً : إن الشيخ المفيد لم يذكر مستنداً ولا دليلاً يثبت صحة قوله ، وفساد ما قاله مخالفه ، سوى أنه رآه شاذاً بخلافه . ثالثاً : إن قلة القائلين بالرأي لا تعني فساد رأيهم ، لا سيما إذا كانوا يوردون أدلة قوية على صحة ما يذهبون إليه ، وكم من الآراء التي كانت مشهورةً بين الناس ، ثم ظهر أنها لا أصل لها ، حتى لقد قيل : رب مشهور لا أصل له . وكلمة رب هنا يراد بها التكثير ، لا التقليل ، وحتى لو أريد بها التقليل لم يفد ذلك في تصحيح ما يرمي المعترض إلى تصحيحه . وظهور الخطأ في ذلك إنما يبدأ بتنبه فرد أو أفراد قليلين ، ثم يبدأ القول بالإتساع والانتشار . البلاذري في كتاب أنساب الأشراف : أما بالنسبة للبلاذري وكتاب أنساب الأشراف ، فنقول : ألف : من الذي قال : إن ابن شهرآشوب قد قصد بقوله « وكتاب البلاذري » كتاب أنساب الأشراف ؟ ! . فقد ذكر المعترض نفسه في نفس كتابه الذي رد فيه علينا : أن للبلاذري كتبا عديدة ، فقد قال : « من كتبه : كتاب البلدان الصغير ، والبلدان الكبير ، والتاريخ في أنساب الأشراف وأخبارهم ، وفتوح البلدان ، والاستقصاء في الأنساب ، والاخبار ، سوّده في أربعين مجلداً » [1] .
[1] راجع : زينب ورقية وأم كلثوم بنات رسول الله « صلى الله عليه وآله » لا ربائبه ص 14 هامش .